عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، وليس مجرد انعدام المرض الجسدي والعجز. وفي عام 1941 أعلن المؤرخ الطبي سيغيريست (Siegrist) أن صحة الناس يجب أن تكون مسؤوليتهم الشخصية، ويجب أن يتفانوا في الحفاظ عليها والتخطيط لها، مؤكداً على الحاجة للمشاركة الفعالة للمجتمع لتحقيق المنفعة المتبادلة والمتكاملة بين المريض والطبيب والمجتمع.
التقت «صحتك» الدكتور بدر بن حِمْد استشاري ورئيس قسم طب الأسرة ولجنة الاعتماد والامتيازات بالمركز الطبي الدولي بجدة الحاصل على البورد السعودي والمجلس العربي لطب الأسرة والتعليم الطبي، في البداية عرف الصحة بأنها الحالة المثالية لتركيب الإنسان الجسدي والعقلي والنفسي والروحي والاجتماعي، بل ويمتد التعريف ليشمل صحة البيئة والغذاء، وكل ما يستخدمه الإنسان ويدخل في حياته، فكل منها له تأثيره على الصحة، وكل منها يؤثر على الآخر. على هذا الأساس فإن الوقاية والعلاج لا يكونان لجانب دون الآخر، فالإنسان ليس جسدا فقط وإنما هو جسد ونفس وعقل وروح يتأثر بما حوله ويؤثر فيه.
.المفهوم الشمولي للصحة
– الجانب الجسدي، هو كمال الأعضاء وسلامتها وسلامة وظائفها من القصور أو النقص.
– الجانب العقلي، ويشتمل على كل الأفكار والمعتقدات والآراء التي يحملها الإنسان وتؤثر في سلوكه وتفاعله مع المجتمع والبيئة.
– الجانب النفسي العاطفي، يشتمل على كل ما يدور في نفس الإنسان من مشاعر مختلفة؛ مثل مشاعر القلق والخوف والسعادة والحزن والفرح والغيرة والحب وغيرها؛ نتيجة توقعاته وتعاملاته وعلاقاته وتفاعلاته مع الغير ومع ظروف الحياة وأحداثها ومتغيراتها.
– الجانب الروحي الإيماني، ارتبط الإنسان بربه وربط حياته كلها بالله.
– الجانب الاجتماعي، أقوال وأفعال وتصرفات الإنسان أثناء تفاعله مع الأفراد المحيطين به وتأثره بهم وتأثيره عليهم.
– الجانب البيئي سواء داخل المنزل أو خارجه ، لأن البيئة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالصحة وجسم الإنسان ؛ حيث يمكن أن يساعد الشخص على التحرك أكثر ، والنوم بشكل أفضل ، واللعب بهدوء ، والاقتراب من الطبيعة والحفاظ على الصحة ، والعكس يمكن أن يكون بسبب الازدحام والتلوث والهدر والضوضاء ونقص المساحة للتنقل.
لا يقتصر النقاش هنا على النظافة والاهتمام بالجانب الصحي للبيئة الداخلية للسكن فقط ، بل يمتد ليشمل التصميم واختيار الألوان وتوزيع الأساسات والتهوية وإضاءة المنزل.
قد لا نكون قادرين على التحكم في بيئة العمل والمعيشة الخارجية ، ولكن قد نتمكن من اختياره وتغييره في بعض الأحيان ، لأنه يؤثر على صحة الإنسان ونمط حياته.
– جانب الغذاء ، لن نتحدث فقط عن الجودة والكمية ، ولكن أيضًا عن طريقة الطهي وما نستخدمه ، عندما نأكل ، الفاصل الزمني بين الوجبات ، وعدد الوجبة ، وطريقة التغذية ، ومدة المضغ. وهي المرحلة الأولى من عملية الهضم التي تحدث داخل الفم ، لذلك علينا الإبطاء وعدم التسرع في تناول الطعام ، كما أنها تساعد على الشعور بالشبع وعدم تناول الكثير من الطعام.
يجب أن نتجنب أي شيء يسبب الحساسية المباشرة ، مثل الحكة والطفح الجلدي ، والحساسية غير المباشرة ، مثل انتفاخ البطن ، والصداع ، وما إلى ذلك.
هذه كلها نقاط مهمة يجب أن ندركها جيدًا ، جنبًا إلى جنب مع آداب الطعام والشراب وتأثيرها النفسي والتعلق الروحي. وهنا ننصحك بطلب المساعدة من مشورة وخبرات المختصين في التغذية بشكل عام والتغذية العلاجية بشكل خاص في حالة المشاكل الصحية المزمنة ، لأن لكل مرض ومرض نظامه الغذائي المناسب.
.نمط الحياة والصحة الجنسية
– تغيير نمط الحياة. يقول الدكتور بدر بن حمد إن أسلوب الحياة باختصار يرتبط بكل ما نأكله ونشربه ونمارسه ونختبره ونتعامل معه ، وله آثار على الصحة سواء أكان طعاماً أو شرابًا أو صيامًا أو تمارين رياضية أو نومًا أو تدخينًا أو الجانب الاجتماعي للعلاقات والعلاقات ، والتوازن النفسي والعاطفي ، والحياة ، والسفر والعمل ، والبيئة الداخلية وخارج المنزل ، والأدوية والمكملات الغذائية ، والأمراض المزمنة.
ما يشير إلى أهمية نمط الحياة وتأثيره على الصحة هو أنه أصبح الآن تخصصًا طبيًا يجب أن يعرفه طالب الطب جيدًا ، ويدرك أهمية تغيير نمط حياته ليكون له تأثير إيجابي على الصحة. لكل طبيب مهما كان تخصصه وخاصة طب الأسرة دور مهم يلعبه في تحديد الاحتياجات الصحية وكتابة التوصيات الطبية ووضع خطط العلاج والوقاية بالشراكة مع المريض والفريق الطبي المتابع له وأقاربه وغيرهم من المراقبة حالته.
– الصحة الجنسية. يؤكد الدكتور بن حِمد على أن الرغبة الجنسية هي فطرة في الرجل والمرأة، بل تتعدى ذلك لتكون حاجة، لها أبعاد نفسية وعاطفية وجسدية وصحية، لذلك يجب أن ندرك بأن الممارسة الجنسية في إطار الزواج بشكل منتظم وجيد ومُرضٍ للطرفين يكون سبباً مهما للسعادة الزوجية وتعميق العلاقة، ولذلك فالحرص عليها والانتباه لكل ما يعكر صفوها أو يضعفها مهم جداً من كلا الطرفين، بالإضافة لطلب المشورة والنصح والعلاج من المختصين إن استدعى الأمر. وأخيراً إن تقنين هذه الرغبة ووضعها في إطارها الصحيح مهم جداً؛ تجنباً للأمراض الجنسية والنفسية التي تتعدى الفرد وتؤثر على المجتمع بأكمله.
– النوم الجيد. التأكد من عدم وجود انقطاع في النفس أو شخير أثناء النوم، وهل تستيقظ بشكل متكرر، وهل تحصل على الساعات الكافية (سبع ساعات في الليل) بشكل عام للكبار وتزيد عند المراهقين والأطفال. يجب أن نعي أن نقص ساعات النوم وقلة جودته يؤدي إلى كثير من المشاكل الصحية جسدياً ونفسياً. والأسباب كثيرة، منها ما له علاقة بالأرق، ومنها ما يمنع من الدخول في النوم العميق ويوقظ النائم تكرارا ومرارا، ومنها ما لا يجعله يستيقظ نشيطا. بعض هذه الأسباب عضوي وبعضها نفسي وبعضها سلوكي، لذلك فمن المهم الكشف عن هذه المشاكل ومعرفة أسبابها بزيارة طبيب الأسرة، وإيجاد الحلول معه وصرف العلاج وإعطاء التوصيات المناسبة، بالإضافة للإحالة إلى التخصص المناسب حسب المشكلة والسبب كطب النوم أو الأنف والأذن والحنجرة وغيرهم.
– الأدوية والمكملات الغذائية. يجب أن تؤخذ تحت إشراف طبي مع المراقبة ، فتناول الفيتامينات لا يعني الحفاظ على الصحة العامة. يمكن للأمراض المزمنة أن تغير نمط الحياة بسبب المرض نفسه أو العلاج والمتابعة التي يحتاجها
نصائح عامة
– الصيام.
يقول الدكتور بن حمد إن لم يكن هناك مانع طبي، فللصيام فوائد لا تحصى ونتائج مذهلة على مستوى الصحة، ومنه صيام التطوع والصيام المتقطع (14 إلى 16 ساعة) مع شرب الماء وغيره من السوائل التي لا تحتوي على السكر، والصيام الكامل عن الطعام والشراب وهو أفضل الصيام ونتائجه أكبر، مع مراعاة الغذاء الصحي وشرب الماء بشكل كاف للحفاظ على حيوية الجسم وطاقته من الداخل إلى الخارج. هذه الفوائد تتعدى جمال البشرة ونضارتها إلى صحة الكلى والقلب امتدادا لقوة الجهاز المناعي، وطرد السموم، ومنع ترسب الأملاح إلى غير ذلك من الفوائد.
– ممارسة رياضة.
يؤكد الدكتور بن حمد أن الرياضة مهمة للغاية لجميع الأعمار وخاصة تمارين المقاومة ولكن يجب مراعاة نوعها وقوتها ومدتها ومدى ملاءمتها للحالة الصحية للإنسان وتوافقها مع حاجة الإنسان لتقوية جسمه وتحقيقه. الوزن المثالي والحالة البدنية المطلوبة.
يُفضل في البداية التنسيق والتوجيه والمتابعة من المختصين والمؤهلين في التدريب والتأهيل الرياضي، بالإضافة للمختصين في العلاج الطبيعي. من المهم البدء معهم للحصول على النتائج المرجوة، وتجنب المضاعفات والإصابات التي قد تحصل نتيجة الممارسة الخاطئة للتمارين الرياضية، فضلا عن مناسبتها للحالة الصحية. ننصح بأخذ رأي الطبيب المعالج قبل البدء والالتزام بأي نشاط رياضي لمن لديهم بعض الأمراض المزمنة مثل القلب والكلى والروماتيزم وخشونة المفاصل وغيرها.
– السفر والتنقل.
أشار الدكتور بن حمد إلى أن السفر علاج للنفس والجسد والروح، يراه البعض احتياجاً وجزءاً لا يتجزأ من نمط الحياة يحرصون عليه تسلية وترويحاً عن النفس واسترخاء وعلاجاً للجسد والروح. للسفر اشتراطات صحية عامة وخاصة لبعض الدول والأماكن بسبب المشاكل الصحية المنتشرة فيها والتنبيه لكيفية الوقاية منها.
للسفر تأثيرات قد تكون إيجابية أو سلبية على الصحة بناء على السلوكيات خلال فترة السفر ومكان الإقامة والنشاطات التي تُمارس ومدى تأثيرها على المشاكل الصحية المزمنة أو الحادة، ما يستوجب استشارة الطبيب المعالج قبل السفر، وأخذ التحصينات المطلوبة.
ولأهمية السفر وتأثيره على الصحة، أصبح هناك تخصص «طب السفر» الذي يُدرس في كليات الطب بشكل عام، وفي تخصص طب الأسرة والباطنة والأمراض المعدية بشكل خاص.
– الابتعاد عن التدخين والمخدرات.
يعدان من القضايا المهمة في هذا القرن، فعداد المدخنين في ازدياد مستمر. ووفق تقارير منظمة الصحة العالمية فإن التدخين يعد أخطر مشكلة صحية عالمية على الإطلاق، وعلى الرغم من أن التدخين سلوك شخصي، فإن تأثيره يقع على الفرد والمجتمع، وأثره يتخطى البعد الصحي إلى أبعاد أخرى. لذلك يجب أن يقف الجميع وقفة قوية صادقة أمام هذه الآفة المدمرة التي تضعف المجتمعات وتستهلك خيراتها.
لا شك أن للأطباء دور كبير وفعال في الإقلاع عن التدخين بجميع المهارات والدعم المتاح ، وذلك من خلال شرح برامج وطرق ومتابعة الإقلاع عن التدخين ، وتوضيح فوائد الإقلاع عن التدخين. على الصحة. على المدى القصير والطويل ، مع معالجة مخاوف العلاج ووقف أعراض الانسحاب ، وزيادة الوزن ، وصعوبات الإقلاع عن التدخين والفشل ، الاحجام عن استخدام الأدوية والعلاج ببدائل النيكوتين. توضيح: إن الإقلاع عن التدخين يتطلب الرغبة والإرادة والتصميم والمتابعة. قد يكون الأمر صعبا في البداية ، لكنه ليس مستحيلا.
اقرأ أيضاً
منها تحسين الذاكرة والتركيز..6 فوائد صحية للسردين يجب معرفتها